محمد تيمد : أبرز مخرجي مسرح الهواة بالمغرب
فـهـذ الـزمـان أولــيـداتـي
سـيـرو فـالــدنـيـا بـلاتـي
لا تـكـون حـياتـكم كيف حياتي
خـايـف من المـاضـي والآتـي
محمد تيمد
من مسرحية "ماض اسمه المستقبل"
التركيب السابع
تحل هذه الأيام الذكرى 17 لوفاة الفنان محمد تيمد ، الذي ازداد بفاس سنة 1939 ، وتابع تعليمه بجامعة القرويين ، وتجربته المسرحية عرفت بدايتها مع الظرف السياسي الذي عرفه المغرب في منتصف الستينات ، كما أنها تزامنت مع بداية مرحلة التجريب في المسرح المغربي وبداية القطيعة مع الأشكال المسرحية التقليدية ، ويؤكد الفنان الراحل على أن أول اتصال له بالمسرح كان عن طريق الرسم وتصميم الديكور ، حيث ساهم في إنجاز ديكور مسرحية سقوط الأندلس بجمعية هواة المسرح الوطني بفاس ، كما كتب تمثيلية للإذاعة " المهزلة الكبرى " ، إلا أن المنطلق الحقيقي لتجربته يحدده في مسرحية " الساعة " التي أخرجها الفنان نبيل لحلو بعد عودته من فرنسا ، وقدمت في إطار مهرجان باب المكينة بفاس ، ليبدع بعد ذلك العديد من الأعمال منها : "المحامي على أربعة" ، "أين العقربان ؟" ، "ألف ليلة وليلة" ، "الأحذية اللامعة" ، "حبال .. خيوط .. شعر" ، "كان يا ما كان" ، "كائنات المطبخ" ، "عرس الديب" ، "حموصة أو الأمطار المتحجرة" ، "الزغننة" و"ماض اسمه المستقبل" ، وقد وافته المنية يوم الثلاثاء 30 نونبر 1993 بأحد مستشفيات مدينة طنجة على اثر مرض عضال .. وقد خلف المرحوم تراثا مسرحيا متميزا ، متنوعا بتنوع مواهبه الفنية ، فأبدع في التأليف والتمثيل والإخراج ، حيث خلف نصوصا مسرحية ، وعروضا خلخلت السائد ، حتى غدت العروض التي قدمها علامات في مسرح الهواة ، وحاز على العديد من الجوائز في مهرجانات مسرح الهواة الذي أخلص له حتى وافاه الأجل المحتوم .
وقد امتطى صهوة التجريب في إنجازه لهذه العروض ، فأبدع على مستوى أدوات العرض وآليات الفرجة ، سواء من حيث الكتابة الدراماتورجية أو المشهدية والسينوغرافية وعلاقتها بالممثل الذي يمتلك في نظر تيمد ، مفتاح العرض المسرحي ، إذ يفجر كل طاقته الإبداعية عبر جسده .
إن كتابات محمد تيمد تميزت بالكتابة المشهدية والتقطيع السينمائي ، والكتابة بالصمت والإضاءة والجسد إلى جانب الحوار الذي يغدو شبه غائب .. واعتنى المرحوم بالأساس بالإخراج المسرحي ، بحيث يوازن بين حركة الممثل وتموجات الإضاءة ولا يترك في فضاء الخشبة كوة عديمة الدلالة ، وحرص على خلق عرض مسرحي متميز حتى أضحى الرجل صوتا متميزا في مسرح الهواة .
ولفهم هذه التجربة لابد من وضعها في سياقها التاريخي والجمالي ، دون إغفال التنوع الثقافي لهذا الرجل . ففي مسرحية "حبال .. خيوط .. شعر" ، التي قدمها سنة 1972 ، حيث يغيب الحوار أو يكاد ، وينوب الجسد عن الكلام الزائد .. بحيث يفجر الحالات والمواقف بصمته الرهيب ، وبمقاطع موسيقية توحي بيوم القيامة على حد تعبير الكاتب المهدي حاضي الحمياني .
ولن يسعنا المجال لذكر كل إسهامات الرجل ، فقد ساهم في المسرح كما في السينما التي ضلت تحتفظ بصورته على الأقل في أهم الأفلام المغربية " شاطئ الأطفال الضائعين" للمخرج العبقري الجيلالي فرحاتي وفيلم " باب السماء مفتوح " لفريدة بليزيد ، نظرا لعدم التوفر على توثيق مسرحي .
إلى جانب كونه مبدعا في مجاله المسرح ، فانه أيضا محللا لأوضاع مسرحنا المغربي ، إذ قدم في إطار ملتقى المحمدية في بداية التسعينات ، ورقة عمل متميزة بعنوان : "مسرح الهواة بالمغرب ، ماذا بعد 30 سنة من الممارسة ؟ " ، أثارت نقاشا مهما حولها لما تضمنته من أفكار تبرهن عن تمكن الرجل من آلية التحليل لواقع مسرحي ، اقتطع من حياته 40 عاما .
ونختم بما ختم به هذه الورقة : " لقد تركت لهم المجال متسعا وانسحبت من الازدحام للوصول بسرعة إلى الكراسي الأمامية ، ودائما أهرب من الأضواء الباهتة لمسرحنا الوطني ، لعلني أنسى من أعرفهم جيدا " ، رحم الله هذا الفنان العصامي .
عبد الرحيم محلاوي
سـيـرو فـالــدنـيـا بـلاتـي
لا تـكـون حـياتـكم كيف حياتي
خـايـف من المـاضـي والآتـي
محمد تيمد
من مسرحية "ماض اسمه المستقبل"
التركيب السابع
تحل هذه الأيام الذكرى 17 لوفاة الفنان محمد تيمد ، الذي ازداد بفاس سنة 1939 ، وتابع تعليمه بجامعة القرويين ، وتجربته المسرحية عرفت بدايتها مع الظرف السياسي الذي عرفه المغرب في منتصف الستينات ، كما أنها تزامنت مع بداية مرحلة التجريب في المسرح المغربي وبداية القطيعة مع الأشكال المسرحية التقليدية ، ويؤكد الفنان الراحل على أن أول اتصال له بالمسرح كان عن طريق الرسم وتصميم الديكور ، حيث ساهم في إنجاز ديكور مسرحية سقوط الأندلس بجمعية هواة المسرح الوطني بفاس ، كما كتب تمثيلية للإذاعة " المهزلة الكبرى " ، إلا أن المنطلق الحقيقي لتجربته يحدده في مسرحية " الساعة " التي أخرجها الفنان نبيل لحلو بعد عودته من فرنسا ، وقدمت في إطار مهرجان باب المكينة بفاس ، ليبدع بعد ذلك العديد من الأعمال منها : "المحامي على أربعة" ، "أين العقربان ؟" ، "ألف ليلة وليلة" ، "الأحذية اللامعة" ، "حبال .. خيوط .. شعر" ، "كان يا ما كان" ، "كائنات المطبخ" ، "عرس الديب" ، "حموصة أو الأمطار المتحجرة" ، "الزغننة" و"ماض اسمه المستقبل" ، وقد وافته المنية يوم الثلاثاء 30 نونبر 1993 بأحد مستشفيات مدينة طنجة على اثر مرض عضال .. وقد خلف المرحوم تراثا مسرحيا متميزا ، متنوعا بتنوع مواهبه الفنية ، فأبدع في التأليف والتمثيل والإخراج ، حيث خلف نصوصا مسرحية ، وعروضا خلخلت السائد ، حتى غدت العروض التي قدمها علامات في مسرح الهواة ، وحاز على العديد من الجوائز في مهرجانات مسرح الهواة الذي أخلص له حتى وافاه الأجل المحتوم .
وقد امتطى صهوة التجريب في إنجازه لهذه العروض ، فأبدع على مستوى أدوات العرض وآليات الفرجة ، سواء من حيث الكتابة الدراماتورجية أو المشهدية والسينوغرافية وعلاقتها بالممثل الذي يمتلك في نظر تيمد ، مفتاح العرض المسرحي ، إذ يفجر كل طاقته الإبداعية عبر جسده .
إن كتابات محمد تيمد تميزت بالكتابة المشهدية والتقطيع السينمائي ، والكتابة بالصمت والإضاءة والجسد إلى جانب الحوار الذي يغدو شبه غائب .. واعتنى المرحوم بالأساس بالإخراج المسرحي ، بحيث يوازن بين حركة الممثل وتموجات الإضاءة ولا يترك في فضاء الخشبة كوة عديمة الدلالة ، وحرص على خلق عرض مسرحي متميز حتى أضحى الرجل صوتا متميزا في مسرح الهواة .
ولفهم هذه التجربة لابد من وضعها في سياقها التاريخي والجمالي ، دون إغفال التنوع الثقافي لهذا الرجل . ففي مسرحية "حبال .. خيوط .. شعر" ، التي قدمها سنة 1972 ، حيث يغيب الحوار أو يكاد ، وينوب الجسد عن الكلام الزائد .. بحيث يفجر الحالات والمواقف بصمته الرهيب ، وبمقاطع موسيقية توحي بيوم القيامة على حد تعبير الكاتب المهدي حاضي الحمياني .
ولن يسعنا المجال لذكر كل إسهامات الرجل ، فقد ساهم في المسرح كما في السينما التي ضلت تحتفظ بصورته على الأقل في أهم الأفلام المغربية " شاطئ الأطفال الضائعين" للمخرج العبقري الجيلالي فرحاتي وفيلم " باب السماء مفتوح " لفريدة بليزيد ، نظرا لعدم التوفر على توثيق مسرحي .
إلى جانب كونه مبدعا في مجاله المسرح ، فانه أيضا محللا لأوضاع مسرحنا المغربي ، إذ قدم في إطار ملتقى المحمدية في بداية التسعينات ، ورقة عمل متميزة بعنوان : "مسرح الهواة بالمغرب ، ماذا بعد 30 سنة من الممارسة ؟ " ، أثارت نقاشا مهما حولها لما تضمنته من أفكار تبرهن عن تمكن الرجل من آلية التحليل لواقع مسرحي ، اقتطع من حياته 40 عاما .
ونختم بما ختم به هذه الورقة : " لقد تركت لهم المجال متسعا وانسحبت من الازدحام للوصول بسرعة إلى الكراسي الأمامية ، ودائما أهرب من الأضواء الباهتة لمسرحنا الوطني ، لعلني أنسى من أعرفهم جيدا " ، رحم الله هذا الفنان العصامي .
عبد الرحيم محلاوي
تعليقات
إرسال تعليق