مواضيع السينما المغربية
تعتبر السينما مرآة الشعوب ، فهي إلى جانب كونها فن فإنها تعكس نبض المجتمع ، فإنها وسيلة ثقافية تعتمد الصورة كحامل لهذه الثقافة ، والسينما المغربية ارتبطت بقضايا المجتمع منذ بدايتها ، فبدءا من "وشمة" الذي يعتبره العديد من النقاد البداية الحقيقية للسينما المغربية ، مرورا بعدد من الأفلام التي تركت بصماتها في تاريخ السينما المغربية ، كفيلم "حلاق درب الفقراء" لمحمد الركاب ، وفيلم "شاطئ الأطفال الضائعين" للجيلالي فرحاتي ، وفيلم "الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء" لمحمد عسلي ، وعدد كبير من الأفلام المغربية الناجحة ، إلا أن بعض المخرجين ظلوا يرفلون في تجريب كأنهم يصنعون الأفلام لأنفسهم فقط ، وليس للجمهور المتعطش للسينما المغربية ، ومع بداية التسعينات تنامي الإنتاج المغربي بفضل زيادة الدعم الذي يقدمه المركز السينمائي المغربي للأفلام ، وتصالح المغاربة مع سينماهم انطلاقا من فيلم "البحث عن زوج امرأتي" لمحمد عبد الرحمان التازي ( 1993 ) ، وأصبحت السينما أكثر قدرة على التنوع بفضل دخول مخرجين شباب محملين بطموحات عملوا على تفجيرها ، فظهر فيلم "علي زاوا" لنبيل عيوش ( 1999 ) ، الذي قارب ظاهرة أطفال الشوارع ، وأفلام أخرى تناولت مواضيع لم يتم تناولها من قبل .
لقد حضرت العلاقات الاجتماعية غير المتكافئة في جل الأفلام المغربية والقهر والاستغلال وظروف العيش القاسية ، حيث يحضر الاستغلال في فيلم "ألف يد ويد" لسهيل بنبركة (1971) ، ومعاناة العاملين بقطاع الزرابي ، واستقدام الفتيات من البوادي للعمل في البيوت بالمدينة في ظروف قاسية من خلال فيلم "الطفولة المغتصبة" لحكيم نوري (1994) ، "حلاق درب الفقراء" لمحمد الركاب (1982) ، الذي تناول
ومن الظواهر التي تمت معالجتها في الأفلام المغربية الأولى ، ظاهرة الهجرة من البادية إلى المدينة ، بحيث في فيلم "الحياة كفاح" لأحمد المسناوي ومحمد التازي (1968) ، وكذا في فيلم "شمس الربيع" للمخرج للطيف لحلو (1969) ، الذي تناول حياة موظف يأتي من البادية ليعمل بمدينة الدار البيضاء ، ويعجز عن التأقلم بها . أما فيلم "رماد الزريبة" اخراج ( الركاب ، الدرقاوي وآخرون ) (1977) ، فقد عالج موضوع شباب قرويون يتوجهون إلى الدار البيضاء بحثا عن عمل وعن المستقبل ، لكنهم في النهاية يتلاشون فيها دون أن يتمكنوا من تحقيق آمالهم .
كما شكلت المرأة موضوعا أساسيا في السينما المغربية ، فالمرأة في فيلم "الشركي" لمومن السميحي (1975) منشغلة من أن بعقد زوجها على امرأة ثانية ، وسلاحها الوحيد لمواجهة هذا الخطر الذي يتهددها هو الشعوذة والسحر ، ولو أدى الأمر إلى التهلكة ، أما فيلم "عرس الدم" لسهيل بنبركة (1977) ، فقد تناول قصة قبيلتين من جنوب المغرب ، فظهر فيلم "أمينة" لمحمد التازي (1980) ، الذي تناول فيه حرية المرأة وتقاليد المجتمع ، وهي في فيلم "عرائس من قصب" للجيلالي فرحاتي (1981) ، كائن مغلوب على أمره ، وفي حاجة دائمة إلى الحماية من طرف الرجل ، وفيلم "للا شافية" لمحمد عبد الواحد التازي (1982) ، وفيلم "حادة" لمحمد أبو الوقار (1984) ، أما في "باديس" لمحمد عبد الرحمان التازي (1988) ، فهي كائن ينبغي حراسته لأنه الشيطان أو الشر ، وهي في "باب السماء مفتوح" لفريدة بليزيد (1999 ) كائن ضال يسترجع هويته بالتدرج ، أو هي مغلوب على أمرها في "عرس الآخرين" لحسن بنجلون (1990) ، وتخضع للظروف .
ويأتي الاهتمام الشديد للسينمائيين المغاربة بواقع المرأة التي لم تتطور وضعيتها ، وبقيت معاناتها في المدينة كما في البادية رغم التقدم النسبي الذي عرفه المغرب خلال السنين الأخيرة ، وقد تواصل التطرق إلى موضوع المرأة ، مع انخراطها وتعلمها فظهرت مشاكل أخرى ، فقدمت لفاطمة الجبلي الوزاني "في بيت أبي" (1997) ، وفيلم "نساء .. ونساء" لسعد الشرايبي (1998) ، وفيلم "مصير امرأة" لحكيم نوري (1998) ، "محاكمة امرأة" لحسن بنجلون (2000) ،
فجاءت التحولات المجتمعية خاصة في وضعية المرأة في بلادنا ، إضافة إلى مدونة الأسرة التي كانت في قلب النقاش الاجتماعي سواء قبل أو بعد إقرارها سنة 2002 ، وهو ما يعكس وفيلم "العيون الجافة" لنرجس النجار (2003) ، التي تصور المرأة كعاهرة ، وفيلم "الراكد" لياسمين قصاري (2004) ، الذي عالج مشكل ما تعانيه النساء من حرمان بعد ذهاب أزواجهم إلى العمل بأوروبا ، وفيلم "رقم واحد" لزكية الطاهري (2008)، الذي تناولت فيه حرية المرأة بين الخطاب والممارسة ، وأفلام أخرى تطرقت للموضوع سواء من بعيد أو من قريب .
كما حضرت الهجرة إلى أوربا من خلال فيلم "أليام ..أليام" لمحمد المعنوني (1978) ، فعبد الواحد يحلم بالتخلص من واقع الاستغلال الذي يعيشه في القرية بالسفر إلى فرنسا ،
وخلال عقد التسعينات تم التركيز على سنوات الرصاص والاضطهاد السياسي ، فظهرت أفلام عالجت هذه الحقبة من التاريخ المعاصر ، من زوايا مختلفة ، تماشيا مع التوجهات العامة للمجتمع الذي يحاول التصالح مع ذاته ، فظهرت أفلام مثل "منى صابر" لعبد الحي العراقي (2001) ، التي يتناول الموضوع من خلال بحث فتاة من أب مغربي عن جذورها ولم تستطيع أن تعثر على شيء لأن أباها كان ، أما فيلم "طيف نزار" لكمال كمال (2001) ، وفيلم "سنوات المنفى" لنبيل لحلو (2002) ، وفيلم "جوهرة بنت الحبس" لسعد الشرايبي (2003) ، وفيلم "درب مولاي الشريف" لحسن بنجلون (2004) ، ثم فيلم "ذاكرة معتقلة" للجيلالي فرحاني (2004) ، وفيلم "شاهدت اغتيال بنبركة" لسيرج لوبيرون وسعيد السعدي (2005) .
كما كان التاريخ حاضر في الفيلم المغربي ، حيث حضر بقوة فترة الاستعمار أي تاريخ للمغرب الحديث ، كفيلم "بامو" لإدريس المريني (1984)، الذي تناول فترة الاستعمار ، وهو مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب احمد زياد ، يتناول قصة بداية المقاومة المسلحة ضد الاستعمار ، وفيلم "نهيق الروح" لنبيل لحلو (1994) الذي تناول نفس الفترة ، وفيلم "44 أو أسطورة الليل" (1980) الذي تناول فيه تاريخ المغرب ما بين 1912 – 1956 ، أي كامل فترة الاستعمار من خلال قصة عائلتين مغربيتين الأولى من فاس حيث الاستعمار الفرنسي والثانية من شفشاون حيث الاستعمار الاسباني ، أما فيلم "عبدو عند الموحدين" لسعيد الناصري (2006) فقد رجع إلى فترة الموحدين .
كما ظهرت أفلام سلطت الضوء على قضية الكوميسير ثابت ، التي عرفت متابعة إعلامية في وقتها ، فظهر فيلم "ثابت أم غير ثابت" لنبيل لحلو ، وفيلم "مكتوب" لنبيل عيوش .
إلا انه خلال الأعوام الأخيرة ، ظهرت أفلام شكلت قطيعة مع الأفلام السابقة من حيث تناولها لمواضيع لا تهم المتفرج المغربي ، كظاهرة الهجرة اليهودية التي تم تناولها في فيلمين على الاقل وهما "وداعا أمهات" لمحمد اسماعيل ، و "فين ماشي يا موشي" لسعد الشرايبي ، خاصة في هذا الوقت بالذات الذي عرف حربا على غزة ، أو أفلام راهنت على المحضور كفيلم "ماروك" لليلى المراكشي ( 2005 ) ، الذي يستفز شعور المغاربة المسلمين ، وفيلم "كازانيكرا" لنور الدين الخماري (2007 ) الذي يعتمد كلام بذيء وساقط وسب نابي ، وفيلم "حجاب الحب" لعزيز السالمي ( 2006 ) الذي راهن على الجنس كمحرك للأحداث ، وخلف موجة عارمة من السخط . وانقسم السينمائيون أنفسهم بين معارض لهذا النوع من السينما وبين مدافع عنها ، فباب حرية التعبير ون مضمونة للجميع ، إلا أنها لا يجب أن تتعدى حدود اللياقة ، وتتهكم من الدين ،
يجب أن ننتبه إلى الجهات التي تمول هذا النوع من الأفلام لنقف على حقائق جمة أن هناك جهات تشجع على
تعليقات
إرسال تعليق